يتحدث المجاطي في هذا الفصل عن أثر هزيمة 1948 التي كان لها أبلغ الأثر في مضمون الشعر العربي الحديث و تغير نظرة الشاعر إلى مفهوم الشعر ، حيث انهار الوجود العربي التقليدي بعد النكبة و ازدادت حرية الشاعر الحديث و تضاعف احتكاكه بالثقافة الأجنبية .
و يتوقف المجاطي عند تعليل النقاد و الدارسين لأسباب تجربة الغربة و الضياع و التي حصروها في 3 عوامل : - التأثر بالشعراء الغربيين - التأثر بأعمال بعض الروائيين و المسرحيين الوجوديين - عامل المعرفة .
لكن المجاطي يرفض أن تكون هذه العوامل وحدها التي أثمرت التجربة و يركز على أهمية الواقع الجديد الذي أصبح يعيشه الشاعر العربي قائلا " هذه النغمة تجد جذورها في تربة الواقع الذي حولته النكبةإلى أنقاض و خرائب " ص65 ثم يبين المجاطي مفهوم مصطلح الغربة الذي يعني " غربة الشاعر العربي في الواقع الحضاري بوصفه كلا " ، ليحدد أهم تجليات و مظاهر غربة الشاعر العربي الحديث ، و التي تظهر في :
1 - الغربة في الكون : حيث رسم الشاعر العربي الحديث صورا مثقلة بالظلمة و المرارة و الإحساس بالعبث بسبب ما تعرض له الإنسان العربي من مهانة وذل ، فالكون متاه يتغلغل الشعر في أرض كالمسمار بل صوت و لا إرادة ( أدونيس ) ، أو هو أرض بلا خالق ، يضرب الشاعر فيها بلا وجه و لا حقيقة ؛ أو فضاء بلا حدود ، و لا دفء ، و لا غطاء ، على حد تعبير يوسف الخال . بل امتدت الغربة لتشمل لزمن أيضا حيث ل طبيعة له و لا قانون ( لسياب ) . بل هو غير الزمن الذي اصطلح الناس عليه ( صلاح عبد الصبور )
و أمام هذه القتامة لم يجد الشاعر العربي الحديث الخلاص إلا في الموت .