وصية الكاتب عبدالله الشريفي " وصيتي الأخيرة "

أن إدفنوني وحيداً !
حيث لا بشريون
ولا ملكٌ ولا أميرة
وأوصيكم أن تدفنوا
معي أفكاري الخطيرة
وأوصيكم أن لا تصلوا عليَ صلاة الميت
أو تقولوا أللهم إنا لا نعلم من ظاهره إلا خيرا
لأنكم تعلمون باطني
وأني حسن السلوك والسيرة
وأوصيكم أن لا تشيعوا جنازتي
لأنكم لن تجدوا عدداً يستحق مسيرة
وأوصيكم أن لا تنادوا عبر مكبرات الصوت
إنتقل إلى رحمة الله
لأنني كنت فيها منذ ولادتي العسيرة
وأوصيكم أن لا تكتبوا
على قطعة قماش نعيي تنعى العشيرة
وأوصيكم أن لا تشقوا عليَ جيباً
مازال فارغاً من دراهمٍ حقيرة
وأوصيكم أن لا تجعلوا من موتي
خبرٌ عاجل يذاع على قناة الجزيرة
لأنني سأقتل على يد ميليشيا
لم يتابع شبابها حلقات برنامج أبلة منيرة
وأوصيكم بالحمير خيرا
ويا حبذا أن تبنوا لها حضيرة
فهي ما زالت تبات الليل
بين أزقة الفقراء أسيرة
تحت أشعة الشمس والأمطار الغزيرة
وأوصيكم أن تدفنوا معي مؤلفاتي
وصورة حبيبتي سِهام
وأشيائاً كثيرة
على أن تدفنوني بعيداً
في مكان لم تطئهُ قدم إنسان
ولم تُحيا فيه شعيرة
في مكانٍ لم يُصطاد به طيور
أو تقتل فيهِ أرانبَ صغيرة
وأوصيكم أن تكتبوا فصول سيرتي الذاتية
على جدران منازل فقهاء
الحيض والنفاس والخمرة والجبيرة
وأوصيكم أن تثوروا على المساجد والكنائس والمعابد
وعلى من حكموا البلاد
وعلى شيوخ القبائل
وعلى كل رتبةٍ عسكرية
وعلى مخبرين وكالات الأمن
ومصادرهم السرية
هذه وصيتي
وعليها وقعت
وآخر ما أوصيكم به
أن لا تضعوا قبري تحت الإقامةِ الجبرية