الاعراب والمعنى

السلام عليكم

ملاحظاتي على كل ما جاء في اعراب الجملة التي اختارها السائل وهي الجملة الاخيرة [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)]
من الجملة الكبرى (نزعت بأسباب الأمور وقد بدا لذي اللب منها [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)]



- نحن في القرن الواحد والعشرين , احرار من كل السياقات التداولية التي ادت الى ولادة وتقعيد النحو العربي , فهل يجوز اسقاط مقولات وقواعد نحوية جاهزة على جمل اللغة العربية , دون تحليل او تركيب او انتباه
- ليس هناك ما يدفعنا ويدعونا الى الدوران في فلك مقولات وآراء النحاة القدماء دون الوصول الى نتيجة علمية صحيحة واحدة.
- ليس هناك سبب واحد يحجر علي حرية تفكيري , ويفرض علي الارتباط باراء النحاة واختلافتهم وسرد تلك الاختلافات عن طريق التوليد والتقدير , فنتائج هذا العمل المتعددة لاتنفع في شئ , ولا يمكن ان تحمل الجملة الواحدة الا معنى واحدا اي اعرابا واحدا , لان الجملة الواحدة تحتمل معنى واحدا حسب السياق والمقام , وبما ان اعراب اللفظ الواحد هو الابانة عن معنى اللفظ الواحد , فان اعراب الجملة الواحدة لن تحتمل الا اعرابا واحدا اي معنى واحدا , ولا يمكن للجملة الواحدة ان تحمل معاني متعددة واعرابات متعددة , وان القول بالفكرة الاخيرة لا يتم الا عن طريق التاويل والتقدير ولا سبيل الى ذلك غير ذلك , وهذا هو السبب الذي جعل البشر ينفرون من اللغة العربية , انه التقدير والتاويل الذي اعتمده القدماء وهو سبب مباشر وهناك اسباب اخرى ,
- ان جملة [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)] لم تات معلقة في الهواء , بل ان هذه الجملة جاءت اولا حاملة لمقصدية معينة , يحملها صاحب القول في ذهنه اي المتكلم , ولا يمكن للمتكلم ان يكون قوله قولا واحدا او جملة واحدة ويقصد اربع دلالات او اربع معاني , لابد من وجود معنى واحد ينبني على اعراب واحد يستهدف فيه المتكلم المتلقي وهو ما يستدعي وجود اعراب واحد , وهذا واحد من بين الاسباب الذي ادى الى فشل نظرية النحو العربي القديم وادى الى فشل نظرية تشومسكي ,
- لهذه الجملة ايضا سياق داخلي واحد وهو الجملة الكبرى (نزعت بأسباب الأمور وقد بدا لذي اللب منها [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)] , هذا السياق الداخلي و هذا السياق اللفظي المسطر امامنا , وهو سياق محسوس يمكننا من ضبط اعراب الجملة الصغرى ( (أيُّ أمريه اصوبُ ) عن طريق القرائن اللفظية سواء كانت صوتية او صرفية او نحوية او حتى بلاغية , ( نظرية النظ عند الجرجاني تدخل في هذا الاطار ) , رغم كليبقى الغائب المهم وهي سياق المقام , وهو السياق النفسي والاجتماعي الذي يحدد ليس فقط دلالة الجملة وانما اعرابها ومحلها من الاعراب , وايضا اهداف القول وبالضبط ما يرغب في تحقيقه المرسل في ذهن المتلقي من خلا القاء تلك الجملة الصغرى ضمنالواقعة ضمن الجملة الكبرى , ولا يمكن للمرسل ان يستهدف في ذهن المتلقي معاني متعددة من خلال اعرابات متعدددة والا اصبح كلامه لغوا وليس لغة , وبالتالي فهو يستهد معنى واحدا من خلال اعراب واحد , وهذا هو المقياس النحوي العلمي الذي ينبغي الاعتماد عليه في كل جملة او تركيب نحوي ,
- ان ما زاد في تعقيد قضايا النحور العربي ليس و طبيعة اللغة العربية الاعرابية , وانما بشكل مكثف وجود النحو العربي وولادته ضمن بيئة دينية جديدة لغويا وثقافيا وحضاريا , وبقدر ما اغنت القضايا الكلامية ذات المنبع السياسي القائم على اختلاف المذاهب على اساس من التاويل مثل قضية خلق القران وقضية مرتكب الكبيرة النحو العربي , فانها كانت ايضا الى جانب اسباب اخرى وراء تشتت نتائجه العلمية واختلاف النحاة والمدارس والاراء والشروح , مما ادى ويؤدي الى النفور من تعلم العربية وجمود الاقوال النحوية عند نحاة باسماء معينة وتوقف باب الاجتهاد العلمي , فكلما عسر على دكتور او باحث في النحو العربي الوصول الى حل علمي وجذري لقضية او اعراب نحوي ما , أ مطرك باقوال النحاة واختلافاتهم واراءهم وبعد كل ذلك انت لن تحصل منه على نتيجة علمية واحدة , وكان معرفة اراء النحاة واختلافاتهم في القديم حل في الزمن الحاضر , واغلب علماء النحو يحتمون بمصطلح الاصول ويغيبون مصطلح العلم , ويا ليتهم اعتمدوا على الاصول الحقيقية عند الخليل او سيبويه , لان هذه الاصول لم تكن في حقيقتها الا اجتهادا من علماء , تفوقوا في عصرهم , وهذا لا يعني ان باب الاجتهاد قد اغلق تماما ,

ثانيا الاخطاء ارتكبها المتدخلون في اعراب جملة (أيُّ أمريه اصوبُ )

1- النظر في الجملة في حد ذاتها دون النظر في سياقها الداخلي الذي هو (نزعت بأسباب الأمور وقد بدا لذي اللب منها [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)]
2- لم يراعوا الغياب التام للسياق الخارجي وهو مقام القول , ليس لدينا ولا نملك اي قرينة لفظية او معنوية , تساعد على الوصول الى الاعراب والمعنى الحقيقي القائم خلف الاعراب ,
3 ان جملة ( (أيُّ أمريه اصوبُ ) مشكلة في مواقع محددة في حين ان ما تبقى من الجملة الكبرى , غير مشكول على الاطلاق , وهذا يعني ان السائل او من طرح هذه الجملة الصغرى اراد توجيهنا جميعا نحو اعراب معين , لا يعقل ان تشكل هذه الجملة الصغرى في موقعين , وتبقى كل الالفاظ داخل الجملة الكبرى والصغرى خلية من تشكيل , فلماذا تم تشكيل الياء بالضم والشدة من لفظ ( أي ) وتم تشكيل لفظ (بالضم ) بالضم , في بقيت كل الالفاظ خالية من الشكل ؟
4- هل الجملة الكبرى تعد من الشواه ؟ اذا كان الامر كذلك فيان المصدر ؟
هل وردت جملة (أيُّ أمريه اصوبُ ) على هذا الشكل في المصدر المحقق وعند الشاعر ام ان وضع الضمتين فوق تلك الحرون من صنعة السائل او غيره ؟
5- نلاحظ ان جملة ( (أيُّ أمريه اصوبُ ) تنتهي بعلامة الاستفهام , فنتسال مرة اخرى هل هذا من صنع صاحب القول او من صنع السائل ؟ وهل [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)] جملة استفهامية, انشائية , ام جملة خبرية في المعنى ,؟؟

- التوجيهات الصحيحة من اجل الوصول الى الاعراب والمعنى الحقيقين ,

1-كان من الواجب على الذين قاموا باعراب هذه الجملة ان يطرحوا هذه الاسئلة وغيرها , بدل السفر في متاهات اراء النحاة القدماء واختلافاتهم وتشعباتهم , للوصول الى الاعراب الحقيقي الذي يعني الوصول الى المعنى الحقيقي .
2- لا يجوز النظر الى جملة [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)] على اساس انها جملة استفهامية , الا اذا حملت الجملة ادلة قطعية وقرائن لفظية ومعنوية تدل على ان الجملة استفهامية , وهذا غير متوفر لدينا علميا وسياقيا كما سنرى ,
3- ان وجود علامة الاستفهام في اخر الجملة ليس دليلا على ان الجملة استفهامية , فعلامات الترقيم لم تكن معروفة زمن الشاعر , بل هي حديثة العهد والولادة وقد جاءت من الثقافة الغربية الحديثة , وهذا لا يعني في نفس الوقت ان الجملة ليست استفهامية , والقول في ذلك يستدعي القول في شروط السياق الداخلي على الاقل . لاننا لا نملك سياق المقام المعبر عن الفعل الانجازي للكلام ,
4- لقد تم سلخ الجملة [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)] من سياقها وفق رغبة السائل فهو الذي وضعها بين قوسين ثم بين معقوفتين , ولا يجوز في نظام علامات الترقيم الجمع بينهما .
5_ لا يمكن توجيه المعنى في اتجاه معين وفق رغباتنا وبمعنى اخر لا يجوز لنا طي ولو عنق لغة المتكلم وتحويلها عن غير مقاصده بفرض علامات ترقيم او علامات تشكيل هي غير موجودة في الاصل , فاللغة العربية معربة , والاعراب هو ما يحدد المعنى سياقيا ولفظيا ,
6- اذا كانت الجملة ( [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)] منقطعة عن ما قبلها او غير موصولة بما قبلها - ومصطلح الوصل والقطع من ابداع القدماء - فهذا يعني ان الجملة ابتدائية , لكن الناظر الى الجملة الصغرى ( أيُّ أمريه اصوبُ ؟) من داخل الجملة الكبرى ( نزعت بأسباب الأمور وقد بدا لذي اللب منها أيُّ أمريه اصوبُ ) , يجد استرسالا واضحا في الكلام , فالكلام كله من اول كلمة الى اخر كلمة ( من نزعت الى اصوب ) نابع من متكلم واحد , واذا عدنا الى ظاهرة التركيبي والى المصاحبة والترتيب دون الاعتماد على العامل , فاننا نجد الالفاظ من البداية الى النهاية متراكبة نحويا ودلاليا , فالهاء الضمير في ( منها ) تعود على ( اسباب الامور ) او على ( الامور ) والهاء في ( امريه ) تعود على ( ذي اللب ) , اتضح في الاعتماد فقط على الاحالة , ان الجملة الكبرى متماسكة لفظيا ودلاليا , وان جملة (أيُّ أمريه اصوبُ ) ليست جملة ابتدائية عى الاطلاق ,
ثم نتساءل و اذا كانت هذه الجملة هنا ليست ابتدائية , فهل يحق لنا ان نعتبر لفظ ( أي ) مبتدا كما ذهب البعض في اعرابه ؟ واكثر من ذلك فقد قدم ذلك البعض نماذج وامثلة للتاكيد على ان لفظ ( اي ) اداة استفهام ومبتدا , مثل (أيُّكم زادتهُ هذه إيماناً) و (فبأيّ حديثٍ بعدهُ يؤمنون) , واذا صح القول ان ( اي ) من خلال هذه النماذج انها استفهامية , فهل يصح القول ان ( اي ) المضمومة في (أيُّ أمريه اصوبُ ) اداة استفهام , مبتدا مرفوع له الصدارة في جملة ابتدائية ؟
احتج صاحب هذا القول براي سيبويه فقال ( والمَشهور عند سيبويه وجماعة من البصريين فقط، في هذه الكلمة، أنّ أيّ تأتى موصولة، وتكون مبنية إذا اجتمع فيها أمران، أحدهما أن تكون مضافة لفظا، والثاني: أن يكون صدر صلتها محذوفا وهي عندَ غيْرِهم مُعرَبَة ) والاختلاف واضح هنا بين الاعراب والبناء , ونحن نقول ان الفاظ اللغة العربية كلها معربة , وان من وضع مفهوم البناء في ثنائية ( الاعراب والبناء ) اراد ان يقيد اللغة العربية بقواعد المبني والمعرب, فسقط في خطا فضيع هو تقييد اللغة العربية في مجملها ,فتم الحجر بقواعد واهية ليس فقط على اللغة العربية بل ايضا على الفكر العلمي اللغوي الحر , وهذا هو مضمون رسالة ابن مضاء القرطبي على صغر حجمها ,
لقد اتبثنا ان الجملة ( أيُّ أمريه اصوبُ ) ليست ابتدائية , وعلينا اذن ان نتبث ان (أي ) ايضا ليست اداة استفهام وانها ليست مبتدا . فاذا قلنا مثلا ( ومنها قوله تعالى ]وما محمدٌ إلاّ رسول , أي ان محمّدا صلى الله عليه وسلّم رسول، ليس إلاّ , فقصرنا الرسالة على محمد (ص) , ) فهل ستكون اي هنا اداة استفهام ؟ ثم من وضع الضم على لفظي (أي و أصوب ) ؟ الا ترى هناك توجيه اعرابي في الجملة , دعائمه اولا قطع الجملة عن سياقها العام والخاص, وكانك تفصل الحوت عن بيئته , الماء الذي يعيش فيه , ثم شكل اللفظتين بالضم في اواخرهما وكان الاعراب تمهيدا لتتبيث فكرة البناء في اواخر الكلم و كان الاعرب لا يقتصر الا على اخر الكلمة , والحقيقة العلمية انه اذا اردنا القول ان اللغة العربية معربة , فان الاعراب يجب ان يلف ويدور بكل اصاتها اللغوية , لقد جاء المعرب بوجهة نظر اخرى تقول ان ( أي ) معربة , وبغض النظر عمن قال بها فهي الفكرة الصحيحة علميا , واذا كان لفظ (أي ) معربا , فما هي العلامة الاعرابية التي يجب ان يحملها في سياق الجملة الكبرى الذي اتبثنا علاقة (أي ) بما سبقها من المفوظات , جملا والفاظا ؟؟
لقد قررنا في البداية ان للفظ (اي) ولجملة ( أيُّ أمريه اصوبُ ) علاقات تركيبية واضحة داخل الجمل الصغرى والجملة الكبرى , ونحن نرى ان الجملة الكبرى تضم عددا من الجمل هي كالتالي :
اولا الجملة الكبرى ( نزعت بأسباب الأمور وقد بدا لذي اللب منها أيُّ أمريه اصوبُ ) .
ثانيا الجمل الصغرى :
1 - ( نزعت باسباب الامور وقد بدا ... أي امريه اصوب ) ويمكن حذف ياء المثنى وهاء الغائب اللتين تحيل على ملفوظات في التريب الذي يسبقها , فنصبح امام ( نزعت باسباب الامور وقد بدا ... أي أمر أصرب ) وتكون أي مضمومة على اساس انها فاعل للفعد بدا في الجملة الثاني وهي ( وقد بدا ( لي ) اي امر اصوب ) و يكون لفظ امر مضاف اليه مجرور ( على التعريف ) فأي نكرة معرف بالاضافة للفظ نكرة ( امر ) جمع امور , ويكون لفظ ( اصوب ) نعث للفاعل (أي ) وكانك تقول في الاصل ( بدا امر اصوب )
ولا تحتمل جملة ( أيُّ أمريه اصوبُ ) الا ان تكون جزءا من جملة متوسطة لا كبرى ولا صغرى تدخل ضمن الجملة الكبرى ( نزعت بأسباب الأمور وقد بدا لذي اللب منها أيُّ أمريه اصوبُ ) , واي هنا ليست استفهامية ولا تمثل بداية جملة ابتدائية , فاي هنا ستكون بدل في المعنى من مبدل منه جاءت عن طريق الاضافة ,
2- ( نزعت بأسباب الأمور وقد بدا الامر للبيب اصوبُ ) ان الجملة الصغرى او المتوسطة , يكون احتمال تحققها نحويا على الشكل التالي ( بدا الامر للبيب اصوبُ ) , وبما ان هذه الجملة سابقة على جملة ( أي امريه اصوب ) ,فانها لا تتضمن ( أي ) التي اعتقدتم انها استفهامية , كما ان العلاقة اصبحت واضحة بين مكونات الجملة الكبرى اي الجمل الصغرى بما تتضمنه من وحدات صرفية ومعجمية ونحوية تتراكب فيما بينها بحكم التلازم التركيني الذي يفرض تلازما دلاليا بين مكوناتها , مثلا الامرين في الجملة الاخيرة (أمريه) مكون معجمي يجد ارتباطه في المكون المعجي الواضح الذي جاء في شكل مكون صرفي معجمي دلالي في لفظ الجمع ( الامور ) وهكذا دواليك نتبث باشكال متعددة علاقات التلازم الحاصلة بين مكونات الجملة الكبرى ويكون ( ذي اللب ) اي اللبيب مفعولا به في المعنى للفعل ( بدا ) وكانك تقول
( ... نزعت باسباب الامور وقد بدا اي امر اصوب للبيب ) او ( نزعت باسباب الامور وقد بدا امر اصوب للبيب ) .
النتيجة ان لفظ ( اي ) اسم معرفة ( في هذا السياق ) غير دال على الاستفهام ولا هو مبتدا , وانما هو بدل لمبدل منه هو ( امريه ) ويقصد منه التمييز بالتعيين لكن على غير طريق الاستفهام ولكن طريق الخبار ولذلك فالاصل في ( اي ) الاعراب وليس البناء , والحقيقة ان التمييز بالتعين كان قد تحقق عند المتكلم في قوله ( بدا ) للبيب , وكانه يقصد باللبيب هو نفسه الشاعر ,

3- لنتاكد من هذه النتيجة على المستوى البلاغي
في مبحث التصور والتصديق تطرح اي الاستفهامية على اساس السؤال , وقد يقصد منها اما التصور او التصديق , ولو كانت اي في هذا السياق الخاص ( اي امريه اصوب ) و السياق العام (نزعت بأسباب الأمور وقد بدا لذي اللب منها أيُّ أمريه اصوبُ) اسفهامية والجملة ابتدائة , لتحقق لدينا التصور او التصديق او هما معا كيف ذلك ؟
ان شبه الجملة ( اي امريه اصوب ) المركبة تركيبا اضافيا ( اي الامرين ) جزء من جملة اكبر كما رصدنا سابقا ( بدا ... اي امريه اصوب ) , ان هذه الجملة اخبارية في سياقها العام ( نزعت بأسباب الأمور وقد بدا لذي اللب منها أيُّ أمريه اصوبُ) لان جملة ( نزعت باسباب ...الخ ) ليس الغاية منها التصور وانما التصديق ولذلك جاءت الجملة الكبرى كلها اخبارية بما في ذلك جملة السائل ( اي امريه اصوب ) ودليل ذلك اولا انه يتحدث ويصف حدثا وقع يدل عليه الفعل الماضي ( نزعت ) ودليله في ذلك ان فعل النزوع اتجه اتجاهين اي امرين من الامور , فلم يكن الشاعر في الحقيقة امام الاختيار بين امور متعددة كما يظهر دلاليا على سطح الجملة , بل لم يكن امام اختيارين كما توحي به شبه الجملة ( اي امريه ) ولو كان الامر كذلك لكنا امام التصور وليس التصديق , ان لفظ ( اي ) رغم انها ليست استفهامية في تحمل في دلالة الاختيار عن طريق التعيين او التمييز او هما معا , اما لفظ ( اي) في هذا السياق فليس الغاية منه التصور , فنحن القارئ لسنا مدعوين لتصور الامرين والاختيار بينهما والشاعر نفسه غير مدعو لهذا الفعل في مخيلته , لان الفعل قد تحقق عند الشاعر وذلك اولا باستعمال الفعل ( بدا ) في الزم الماضي , وما الذي بدا انه الامر الواحد الاصوب وهو ما يدل على اتخاد القرار في الزمن الماضي , وما الذي يدل على اختيار امر واحد وليس امرين ؟ هو قوله ( أي أمريه ) فشبه الجملة هنا مركبة تركيبا اضافيا دالة على الامر الواحد , دليل ذلك قوله (أي ) الدالة على المفرد ثم وصف هذا الاي بلفظ ( أصوب ) المفرد الذي يعود ضمنا على امر واحد وليس على امرين , فالشاعر هنا لا يقدم اختيارا ولا تصورا ولا يطلب منا التصور او الاختيار لان ذلك قد تحقق وتم حدوثه مع الفعل ( بدا ) انما يطلب منا تصديق اقواله الشعرية ,لتلك الاسباب قام بتعيين الامر الواحد ضمنا, فتحقق الاخبار عنه وخرجت ( أي ) من حيز الاستفهام و السؤال والانشاء , لتخرج بالعدول من الانشاء الى الخبر , وتكون شبه الجملة المركبة من المضاف والمضاف اليه (أي امريه ) جزءا من جملة سابقة عليها ( بدا اي امريه اصوب ) , و بذلك ينتفي القول نحويا وبلاغيا بان (أي ) استفهامية وان جملة ( اي امريه اصوب ) ابتدائية استفهامية انشائية .
ان المستوى البلاغي يخدم المسوى النحوي والعكس صحيح , واذا ذهبنا مذهبا اخر فاننا لن نصل الى نفس النتيجة الصحيحة ,
ان الاعتماد على اقوال النحاة واستجلاب ارائهم واختلافاتهم واختلاف المدارس والمذاهب , لا يحل مشكل الاعراب في علاقته بالمعنى , فنحن نلاحظ ان كل من اقترب من هذه الجملة من المتدخلين سابقا , لم يقدم لنا اي نتيجة واضحة تفيد المعنى او تتذوق هذا البيت الشعري البسيط في لغة لكته يضم تلاعبات وانزياحات متعددة على كل المستويات اللغوية , فجاء كلامهم استعراضا للعضلات النحوية معبرا عن القدرة والتمكن من اراء النحاة والمذاهب , لكن من دون فهم وتذوق لكلام الشاعر بل اكثر من ذلك جاء كلامهم مجزءا متكلفا يطغى عليه التنظير ويغيب التطبيق , فهل خلقت القواعد من اجل وصف البناء اللغوي ام خلقت اللغة من اجل البناء النحوي ؟

نحن في انتظار نقد علمي صحيح , لا يقفز على الحقائق ولا يلوي كلام الشاعر ولغته ليا , والمرجو ابداء الراي في البيت الشعري السابق و هو للشاعر بشر ابن ابي خازم

تحية طيبة

جاء ردنا السابق في احد المحافل النحوية , جاء التدخل الاول على شكل سؤال سائل على الشكل التالي:

قال السائل في عنوان المداخلة , هل يمكل ان يكون الفاعل جملة ؟
طرح السؤال وانسحب ينتظر الجواب ,
عرض سؤال السائل كالتالي ,
اسم السائل : ابو مهند ,

كنت أومن بقاعدة في النحو مفادها أن الفاعل لا يكون جملة إلا إذا كان مصدرا مؤولا، وعندما صادفني البيت التالي استغربت في إعراب هذه الجملة لم أجد لها إعرابا إلا فاعلا رغم اقتناعي بالقاعدة السالفة الذكر، فهل إعرابها حالا جائز؟
قال الشاعر بشر بن أبي خازم:
نزعت بأسباب الأمور وقد بدا لذي اللب منها [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)]
أنجدنا يا دكتور عبد الرحمان جزاك الله خيرا

اما الدكتور عبد الرحمان , فهو الاستاذ المعروف الدكتور عبد الرحمان بودرغ , من جامعة عبد المالك السعدي كلية الاداب , بتطوان
هكذا توالت الردود , كما سنتبثها لاحقا , ان ردي السابق , هو الرد الاخير , وساتبث الردود كما جاءت في تسلسلها المنطقي والزمني دون تدخل او تغيير منا , والموضوع مهم جدا عند اهل الاختصاص لانه يرفع اللبس والاختلافات التي احاطت بقضية من القضايا النحوية التي وقع عليها خلاف في الماضي , وهي قضية هل ياتي الفاعل جملة لها محل من الاعراب ؟
المرجو المساهمة وابداء الراي لرفع اللبس عن النحو العربي , التركة التي خلفها لنا الاجداد ,

المداخلة الثانية لدكتور عبد الرحمان بودرع وهي جواب لسؤال السائل .


أيُّ : مبتدأ مرفوع بالضمّة الظّاهرة
أيّ مُعْرَب والشواهد على إعرابِها كثيرَةٌ : (أيُّكم زادتهُ هذه إيماناً)، (فبأيّ حديثٍ بعدهُ يؤمنون)

المَشهور عند سيبويه وجماعة من البصريين فقط، في هذه الكلمة، أنّ أيّ تأتى موصولة، وتكون
مبنية إذا اجتمع فيها أمران، أحدهما أن تكون مضافة لفظا، والثاني: أن يكون صدر صلتها محذوفا
وهي عندَ غيْرِهم مُعرَبَة

أمرَيْه : مُضاف إليه مجرور بالياء لأنّه مُثنّى وحُذِفت النون للإضافة وهو مُضاف
والهاءُ ضمير متصل في محل جر مُضاف إليْه

أصوبُ : خبر مرفوع بالضّمّة

على مذهبِ سيبَويْه الجُملةُ الفعليّة في محلّ رفع فاعلٌ للفعل بَدا ،
و قد خطّأ المبرّدُ سيبويْه وقالَ إنّ الفاعل لا يكونُ جملةً،

فعَلى مذهبِ المبرِّد يكونُ الفاعلُ هو ما دلّ عليْه الفعلُ بَدا من مَعْنى ،
ويتعذّرُ صوغُ مصدر من الجملَة ، و عليه يًقدّرُ الفاعلُ تقديراً مناسباً للسياقِ،
وهو أمرٌ : بَدا لَهُم أمرٌ . أمّا جملةُ أيّ أمريْه أصوبُ، فهي في محلّ رفعٍ بدلٌ
من أمر، والتقديرُ : بَدا لَهُم أمرٌ : أيُّ أمريْه أصوبُ

والله أعلَم

الرد والممداخلة الثالثة وهي للمدعو الوغيري محمد


قال الشاعر بشر ابن ابي خازم :

نزعت بأسباب الأمور وقد بدا لذي اللب منها [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)]

السؤال الاول , هل كان الشاعر بشر يعلم ما معنى المعقوفتين والقوسين , فكتب لنا الجملة [(أيُّ أمريه اصوبُ ؟)] من بيته الشعري على ذلك الشكل ؟ ام ان السائل وضع الجملة بين القوسين والمعقوفتين من اجل تحديد ما يرغب في اعرابه ؟

السؤال التالي : هل يصح القول في الاعراب ان ( أي ) مرفوعة بالضمة ؟ وهل الضمة ترفع ؟

والسؤال موجه لصاحب الاعراب الدكتور عبد الرحمان بودرع ؟

المداخلة الرابعة للمدعو : باين


تحية طيبة للدكتور عبد الرحمن بودرع
ذكرت أن المبرد خطّأ سيبويه,فهلا ذكرت لنا المصدر حتى تعمّ الفائدة.
وشكرا

المداخلة الخامسة وهي للمدعو الودغيري محمد


واين الجواب عن اسئلتي اولا ؟

المداخلة السادسة وهي للمدعو : باين

والذي يظهر لي إذا قلنا إن الفاعل مقدّر أن تكون الجملة ( أي أمريه أصوب) تفسيرا لذلك الفاعل المقدّر. والله أعلم.

المداخلة السابعة للدكتور عبد الرحمان بودرع


أهلاً و سهلاً و مرحبا أخي الأستاذ باين

بقي رأي لابن هشام في مُغني اللبيب ، وهو :

أنّ جملة ليسجننه قيل فيها: هي مفسرة للضمير في بدا الراجع الى البداء المفهوم منه، والتحقيقُ عند ابنِ هشام
أنها جوابٌ لقسم مقدر، وأن المفسر مجموع الجملتين. ولا يمنع من ذلك كونُ القسم إنشاء، لأن المفسر هنا إنما هو
المعنى المتحصل من الجواب، وهو خبري لا إنشائي

وذكَر ابنُ هشام أيضاً أنّ مذهبَ الكوفيين: أنّ الجملة فاعل، وهذا قريب من مذهب سيبويْه ، وخلاف ما عليْه المبرّد والبصريونَ


وذكَرَ ابنُ هشام أيضاً أنّه اختُلِفَ في الفاعل ونائبه هل يكونان جملة أم لا؟ و أنّ المشهور المنع مطلقاً، وأجازه هشام وثعلب مطلقاً
نحو يُعجبني قام زيد وفصّل الفراء وجماعة ونسبوه لسيبويه فقالوا: إن كان الفعلُ قلبياً ووجد مُعلِّق عن العمل نحو ظهر لي
أقام زيد صحّ، وإلا فلا، وحملوا عليه (ثم بدا لهمْ من بعدِ ما رأوا الآيات ليسجُننه حتى حين) ومنعوا يعجبني يقوم زيد وأجازهما
هشام وثعلب، واحتجا بقوله: // وما راعني إلاّ يسيرُ بشُرطةٍ //
ومنع الأكثرون ذلك كله، وأوّلوا ما ورد مما يوهمه، فقالوا: في بدا ضمير البداء ، وهو الرأيُ نفْسُه الذي ذكَرَه الزّجّاجيّ في أخبارِه :
« بدا لهم بُدُوٌّ ؛ لأنّ الفعلَ لا بد له من فاعل »


[يُنظَر رأي سيبويه في الكتاب: ج3، ص:110، تحقيق عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة
و رأي ابن هشام و البصريين والكوفيين : مغني اللبيب ، باب الجمل، الجمل التي لَها محل من الإعراب
مع التنبيه على أنّ طَبعات كتاب المُغني كثيرة ، والحَكَمُ هو البابُ الذي ورَدَت فيه المسألَة ]
__________________

المداخلة الثامنة وهي للمدعو : باين


شكرا جزيلا أخي الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بودرع
وأضف على ماعندك هذا التحرير الذي قمتُ به عن هذه المسألة, والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
قال تعالى(أفلم يهدِ لهم كم أهلكنا من قبلهم).
يجوز في الجملةِ الاستفهامية ( كَمْ أَهْلَكنا ) أنْ تكونَ في محلِّ رفعٍ على أنها فاعل, قال الفراءُ:" ومثله في الكلام :أوَ لمْ يبيّن لك مَن يعمل خيراً يُجزَ به, فجملة الكلام فيها معنى الرفع. ومثله أن تقول: قد تبيّن لي أقامَ عبدُ الله أمْ زيدٌ, في الاستفهامِ معنى رفعٍ".( ), وذهب إلى هذا الزمخشريّ.( )
ويجوز أن تكون في موضع نصب مفعولا به والفاعل ضميرا يعود على الله.( ) وذهب بعضهم إلى أن الفاعل هو المصدر,أي: الهَديْ أو الأمر.( ) ورجّح هذا ابن عطية بقوله:" وقال بعضهم الفاعل مقدّر: الهدى أو الأمر أو النظر أو الاعتبار, هذا أحسن ما يُقدّر به عندي".( )
والذي يظهر لي أنها في موضع المفعول به؛ لأن الفاعل عند عامة النحاة لايكون جملة,( ) قال الزّجَاجُ:"ويجوز أن يقوم المصدرُ مَقام الفاعل, ولا يجوز أن يقوم ( ياموسى) مقام الفاعل؛لأنّه جملة".( )
و قال العكبريُّ: " ولايجوز أن يكون قوله ( ولا تفسدوا) قائما مقام الفاعل؛ لأن الجملة لا تكون فاعلا, فلا تقوم مقام الفاعل"( ).و قال ابن هشام:" والفاعل لايكون جملة و(كَم) مفعول (أهلكنا) والجملة مفعولة (يهدِ) وهو معلّق عنها".( ) ويكون المعنى: أوَ لمْ يُبيّن الله لهم كم أهلكنا.ويرجّح هذا قراءة (نَهدِ) بالنون.( ) ورجّح الدكتور عبد الفتاح الحموز أن تكون الجملة في موضع النصب على أنها مفعول به على أنّ الفعل معلّق عن العمل.( )

ثم ياتي بعد كل هذه المداخلات , المداخلة الاولى التي نشرناها في اعلى الصفحة , للاستاذ الودغيري محمد ,
المرجو من اهل الاختصاص التفاعل مع هذه القضية النحوية نظريا وتطبيقيا ؟

هل ياتي الفاعل جملة لها محل من الاعراب هو الرفع؟
هل اختلافات النحاة تعد مصدرا في التقعيد والضبط النحوي؟
اخيرا هل جملة ( أي أمريه اصوب ) جملة استفهامية انشائية ابتدائية ؟ ام هي شبه جملة من المضاف المضاف اليه ( أي أمريه ) ؟ وبالتالي هل (أي) هناك اداة استفهام مبتدا , ؟ ام هي اسم معرف بالاضافة , مرفوع على الفاعلية ترتبط بالفعل ( بدا )؟
اخيرا ما رايكم في ( أي ) من الجملة التالية ( سأكافئ أي الطالبين حضر مبكرا ؟
ترى اين الصواب العلمي ؟
والسلام عليكم