الضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Ciaa2010
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الى أُسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Ciaa2010
ادارة المنتدي في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Ciaa2010



الضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Ciaa2010
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الى أُسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Ciaa2010
ادارة المنتدي في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Ciaa2010



الضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمجلة الضاد 2011أحدث الصورالتسجيلدخولمن نحن؟

 جمعية الضاد لأساتذة اللغة العربية
 ترحب بآرائكم و اقترحاتكم عبر   
      البريد الإلكتروني:
ddaadd34@gmail.com
عرفهم من هو محمد رسول الله
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
مسلمة
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_lcap 
المشرف
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_lcap 
المختار السعيدي
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_lcap 
هويدا الدار
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_lcap 
الشاعر لطفي الياسيني
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_lcap 
جمعية الضاد
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_lcap 
أبو فيصل
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_lcap 
مسلم
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_lcap 
فاطمة الزهراء
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_lcap 
لؤلؤة لامعة
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Vote_lcap 
سجل إعجابك

 

 في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المختار السعيدي
نائب رئيس جمعية الضاد
نائب رئيس جمعية الضاد
المختار السعيدي


العمر : 48
نقاط : 12154
تاريخ التسجيل : 18/08/2008

بطاقة الشخصية
معلومات شخصية: 40

في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) Empty
مُساهمةموضوع: في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29)   في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29) I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 26, 2009 11:37 am

11 - وصفة أخرى من صفاتهم - وبخاصة الكبراء منهم الذين كان لهم في أول العهد بالهجرة مقام في قومهم ورياسة وسلطان كعبد اللّه بن أبي بن سلول - صفة العناد وتبرير ما يأتون من الفساد ، والتبجح حين يأمنون أن يؤخذوا بما يفعلون :
«وَإِذا قِيلَ لَهُمْ : لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ ، قالُوا : إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ ، وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ» ..
إنهم لا يقفون عند حد الكذب والخداع ، بل يضيفون إليهما السفه والادعاء : «وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ» .. لم يكتفوا بأن ينفوا عن أنفسهم الإفساد ، بل تجاوزوه إلى التبجح والتبرير : «قالُوا : إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ» ..
والذين يفسدون أشنع الفساد ، ويقولون : إنهم مصلحون ، كثيرون جدا في كل زمان. يقولونها لأن الموازين مختلة في أيديهم. ومتى اختل ميزان الإخلاص والتجرد في النفس اختلت سائر الموازين والقيم.
والذين لا يخلصون سريرتهم للّه يتعذر أن يشعروا بفساد أعمالهم ، لأن ميزان الخير والشر والصلاح والفساد في نفوسهم يتأرجح مع الأهواء الذاتية ، ولا يثوب إلى قاعدة ربانية ..
12 - ومن ثم يجيء التعقيب الحاسم والتقرير الصادق :
«أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ ، وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ» ..
13 - ومن صفتهم كذلك التطاول والتعالي على عامة الناس ، ليكسبوا لأنفسهم مقاما زائفا في أعين الناس :
«وَإِذا قِيلَ لَهُمْ : آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ ، قالُوا : أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ؟ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ ، وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ» ..
(1/66)
وواضح أن الدعوة التي كانت موجهة إليهم في المدينة هي أن يؤمنوا الإيمان الخالص المستقيم المتجرد من الأهواء. إيمان المخلصين الذين دخلوا في السلم كافة ، وأسلموا وجوههم للّه ، وفتحوا صدورهم لرسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - يوجههم فيستجيبون بكليتهم مخلصين متجردين .. هؤلاء هم الناس الذين كان المنافقون يدعون ليؤمنوا مثلهم هذا الإيمان الخالص الواضح المستقيم ..
وواضح أنهم كانوا يأنفون من هذا الاستسلام للرسول - صلى اللّه عليه وسلم - ويرونه خاصا بفقراء الناس غير لائق بالعلية ذوي المقام! ومن ثم قالوا قولتهم هذه : «أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ؟» .. ومن ثم جاءهم الرد الحاسم ، والتقرير الجازم :
«أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ ، وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ» ..
ومتى علم السفيه أنه سفيه؟ ومتى استشعر المنحرف أنه بعيد عن المسلك القويم؟! 14 - ثم تجيء السمة الأخيرة التي تكشف عن مدى الارتباط بين المنافقين في المدينة واليهود الحانقين .. إنهم لا يقفون عند حد الكذب والخداع ، والسفه والادعاء ، إنما يضيفون إليها الضعف واللؤم والتآمر في الظلام :
«وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا : آمَنَّا ، وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا : إِنَّا مَعَكُمْ ، إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ» ..
وبعض الناس يحسب اللؤم قوة ، والمكر السيئ براعة. وهو في حقيقته ضعف وخسة. فالقوي ليس لئيما ولا خبيثا ، ولا خادعا ولا متآمرا ولا غمازا في الخفاء لمازا. وهؤلاء المنافقون الذين كانوا يجبنون عن المواجهة ،
(1/44)




في ظلال القرآن ، ج 1 ، ص : 45
(1/67)
ويتظاهرون بالإيمان عند لقاء المؤمنين ، ليتقوا الأذى ، وليتخذوا هذا الستار وسيلة للأذى .. هؤلاء كانوا إذا خلوا إلى شياطينهم - وهم غالبا - اليهود الذين كانوا يجدون في هؤلاء المنافقين أداة لتمزيق الصف الإسلامي وتفتيته ، كما أن هؤلاء كانوا يجدون في اليهود سندا وملاذا .. هؤلاء المنافقون كانوا «إِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا : إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ» - أي بالمؤمنين - بما نظهره من الإيمان والتصديق! 15 - وما يكاد القرآن يحكي فعلتهم هذه وقولتهم ، حتى يصب عليهم من التهديد ما يهد الرواسي :
«اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ، وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ» ..
وما أبأس من يستهزىء به جبار السماوات والأرض وما أشقاه!! وإن الخيال ليمتد إلى مشهد مفزع رعيب ، وإلى مصير تقشعر من هوله القلوب.
وهو يقرأ : «اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ، وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ» .. فيدعهم يخبطون على غير هدى في طريق لا يعرفون غايته ، واليد الجبارة تتلقفهم في نهايته ، كالفئران الهزيلة تتواثب في الفخ ، غافلة عن المقبض المكين .. وهذا هو الاستهزاء الرعيب ، لا كاستهزائهم الهزيل الصغير.
وهنا كذلك تبدو تلك الحقيقة التي أشرنا من قبل إليها. حقيقة تولي اللّه - سبحانه - للمعركة التي يراد بها المؤمنون. وما وراء هذا التولي من طمأنينة كاملة لأولياء اللّه ، ومصير رعيب بشع لأعداء اللّه الغافلين ، المتروكين في عماهم يخبطون ، المخدوعين بمد اللّه لهم في طغيانهم ، وإمهالهم بعض الوقت في عدوانهم ، والمصير الرعيب ينتظرهم هنالك ، وهم غافلون يعمهون! 16 - والكلمة الأخيرة التي تصور حقيقة حالهم ، ومدى خسرانهم :
«
(1/68)
أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى ، فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ» .. فلقد كانوا يملكون الهدى لو أرادوا. كان الهدى مبذولا لهم. كان في أيديهم. ولكنهم «اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى » ، كأغفل ما يكون المتجرون :
«فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ» ..
17 - ولعلنا نلمح أن الحيز الذي استغرقه رسم هذه الصورة الثالثة قد جاء أفسح من الحيز الذي استغرقه رسم الصورة الأولى والصورة الثانية ..
ذلك أن كلّا من الصورتين الأوليين فيه استقامة على نحو من الأنحاء ، وفيه بساطة على معنى من المعاني ..
الصورة الأولى صورة النفس الصافية المستقيمة في اتجاهها ، والصورة الثانية صورة النفس المعتمة السادرة في اتجاهها. أما الصورة الثالثة فهي صورة النفس الملتوية المريضة المعقدة المقلقة. وهي في حاجة إلى مزيد من اللمسات ، ومزيد من الخطوط كما تتحدد وتعرف بسماتها الكثيرة ..
على أن هذه الإطالة توحي كذلك بضخامة الدور الذي كان يقوم به المنافقون في المدينة لإيذاء الجماعة المسلمة ، ومدى التعب والقلق والاضطراب الذي كانوا يحدثونه كما توحي بضخامة الدور الذي يمكن أن يقوم به المنافقون في كل وقت داخل الصف المسلم ، ومدى الحاجة للكشف عن ألاعيبهم ودسهم اللئيم.
وزيادة في الإيضاح ، يمضي السياق يضرب الأمثال لهذه الطائفة. ويكشف عن طبيعتها ، وتقلباتها وتأرجحها ليزيد هذه الطبيعة جلاء وإيضاحا :
(1/45)




في ظلال القرآن ، ج 1 ، ص : 46
«مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ، فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ، ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ» ..
(1/69)
إنهم لم يعرضوا عن الهدى ابتداء ، ولم يصموا آذانهم عن السماع ، وعيونهم عن الرؤية وقلوبهم عن الإدراك ، كما صنع الذين كفروا. ولكنهم استحبوا العمى على الهدى بعد ما استوضحوا الأمر وتبينوه ..
لقد استوقدوا النار ، فلما أضاء لهم نورها لم ينتفعوا بها وهم طالبوها. عندئذ «ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ» الذي طلبوه ثم تركوه : «وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ» جزاء إعراضهم عن النور! 18 - وإذا كانت الآذان والألسنة والعيون ، لتلقي الأصداء والأضواء ، والانتفاع بالهدى والنور ، فهم قد عطلوا آذانهم فهم «صُمٌّ» وعطلوا ألسنتهم فهم «بُكْمٌ» وعطلوا عيونهم فهم «عُمْيٌ» .. فلا رجعة لهم إلى الحق ، ولا أوبة لهم إلى الهدى. ولا هداية لهم إلى النور! 20 ، 19 - ومثل آخر يصور حالهم ويرسم ما في نفوسهم من اضطراب وحيرة وقلق ومخافة :
«أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ، يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ. وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ. يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ ، وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا ، وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ. إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ..
إنه مشهد عجيب ، حافل بالحركة ، مشوب بالاضطراب. فيه تيه وضلال ، وفيه هول ورعب ، وفيه فزع وحيرة ، وفيه أضواء وأصداء .. صيب من السماء هاطل غزير «فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ» .. «كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ» .. «وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا» .. أي وقفوا حائرين لا يدرون أين يذهبون. وهم مفزعون : «يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ» ..
(1/70)
إن الحركة التي تغمر المشهد كله : من الصيب الهاطل ، إلى الظلمات والرعد والبرق ، إلى الحائرين المفزعين فيه ، إلى الخطوات المروعة الوجلة ، التي تقف عند ما يخيم الظلام .. إن هذه الحركة في المشهد لترسم - عن طريق التأثر الإيحائي - حركة التيه والاضطراب والقلق والأرجحة التي يعيش فيها أولئك المنافقون .. بين لقائهم للمؤمنين ، وعودتهم للشياطين. بين ما يقولونه لحظة ثم ينكصون عنه فجأة. بين ما يطلبونه من هدى ونور وما يفيئون إليه من ضلال وظلام .. فهو مشهد حسي يرمز لحالة نفسية ويجسم صورة شعورية.
وهو طرف من طريقة القرآن العجيبة في تجسيم أحوال النفوس كأنها مشهد محسوس «1».
21 - وعند ما يتم استعراض الصور الثلاث يرتد السياق في السورة نداء للناس كافة ، وأمرا للبشرية جمعاء ، أن تختار الصورة الكريمة المستقيمة. الصورة النقية الخالصة. الصورة العاملة النافعة. الصورة المهتدية المفلحة ..
size=21]في ظلال القرآن ، ج 1 ، ص : 47
«لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» .. لعلكم تصيرون إلى تلك الصورة المختارة من صور البشرية. صورة العابدين للّه.
(1/71)
المتقين للّه. الذين أدوا حق الربوبية الخالقة ، فعبدوا الخالق وحده رب الحاضرين والغابرين ، وخالق الناس أجمعين ، ورازقهم كذلك من الأرض والسماء بلا ند ولا شريك :
22 - «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً» ..
وهو تعبير يشي باليسر في حياة البشر على هذه الأرض ، وفي إعدادها لهم لتكون لهم سكنا مريحا وملجأ واقيا كالفراش .. والناس ينسون هذا الفراش الذي مهده اللّه لهم لطول ما ألفوه. ينسون هذا التوافق الذي جعله اللّه في الأرض ليمهد لهم وسائل العيش ، وما سخره لهم فيها من وسائل الراحة والمتاع. ولولا هذا التوافق ما قامت حياتهم على هذا الكوكب في مثل هذا اليسر والطمأنينة. ولو فقد عنصر واحد من عناصر الحياة في هذا الكوكب ما قام هؤلاء الأناسيّ في غير البيئة التي تكفل لهم الحياة. ولو نقص عنصر واحد من عناصر الهواء عن قدره المرسوم لشق على الناس أن يلتقطوا أنفاسهم حتى لو قدرت لهم الحياة! «وَالسَّماءَ بِناءً» ..
فيها متانة البناء وتنسيق البناء. والسماء ذات علاقة وثيقة بحياة الناس في الأرض ، وبسهولة هذه الحياة.
وهي بحرارتها وضوئها وجاذبية أجرامها وتناسقها وسائر النسب بين الأرض وبينها ، تمهد لقيام الحياة على الأرض وتعين عليها. فلا عجب أن تذكر في معرض تذكير الناس بقدرة الخالق ، وفضل الرازق ، واستحقاق المعبود للعبادة من العبيد المخاليق.
«وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ، فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ» ..
(1/72)
وذكر إنزال الماء من السماء وإخراج الثمرات به ، ما يفتأ يتردد في مواضع شتى من القرآن في معرض التذكير بقدرة اللّه ، والتذكير بنعمته كذلك .. والماء النازل من السماء هو مادة الحياة الرئيسية للأحياء في الأرض جميعا. فمنه تنشأ الحياة بكل أشكالها ودرجاتها «وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ» .. سواء أنبت الزرع مباشرة حين يختلط بالأرض ، أو كوّن الأنهار والبحيرات العذبة ، أو انساح في طبقات الأرض فتألفت منه المياه الجوفية ، التي تتفجر عيونا أو تحفر آبارا ، أو تجذب بالآلات إلى السطح مرة أخرى.
وقصة الماء في الأرض ، ودوره في حياة الناس ، وتوقف الحياة عليه في كل صورها وأشكالها .. كل هذا أمر لا يقبل المماحكة ، فتكفي الإشارة إليه ، والتذكير به ، في معرض الدعوة إلى عبادة الخالق الرازق الوهاب.
وفي ذلك النداء تبرز كليتان من كليات التصور الإسلامي : وحدة الخالق لكل الخلائق : «الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ» .. ووحدة الكون وتناسق وحداته وصداقته للحياة وللإنسان : «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً. وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ» .. فهذا الكون أرضه مفروشة لهذا الإنسان ، وسماؤه مبنية بنظام ، معينة بالماء الذي تخرج به الثمرات رزقا للناس .. والفضل في هذا كله للخالق الواحد :
«فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» ..
تعلمون أنه خلقكم والذين من قبلكم. وتعلمون أنه جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء. وأنه لم يكن له شريك يساعد ، ولا ند يعارض. فالشرك به بعد هذا العلم تصرف لا يليق!
(1/47)




[size=21]في ظلال القرآن ، ج 1 ، ص : 48
(1/73)
والأنداد التي يشدد القرآن في النهي عنها لتخلص عقيدة التوحيد نقية واضحة ، قد لا تكون آلهة تعبد مع اللّه على النحو الساذج الذي كان يزاوله المشركون. فقد تكون الأنداد في صور أخرى خفية. قد تكون في تعليق الرجاء بغير اللّه في أي صورة ، وفي الخوف من غير اللّه في أي صورة. وفي الاعتقاد بنفع أو ضر في غير اللّه في أي صورة .. عن ابن عباس قال : «الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل. وهو أن يقول : واللّه وحياتك يا فلان وحياتي. ويقول : لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص البارحة ، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص. وقول الرجل لصاحبه : ما شاء اللّه وشئت! وقول الرجل :
لولا اللّه وفلان .. هذا كله به شرك» ... وفي الحديث أن رجلا قال لرسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - ماشاء اللّه وشئت. قال : «أجعلتني للّه ندا؟»! هكذا كان سلف هذه الأمة ينظر إلى الشرك الخفي والأنداد مع اللّه .. فلننظر نحن أين نحن من هذه الحساسية المرهفة ، وأين نحن من حقيقة التوحيد الكبيرة!!! 23 - ولقد كان اليهود يشككون في صحة رسالة النبي - صلى اللّه عليه وسلم - وكان المنافقون يرتابون فيها - كما ارتاب المشركون وشككوا في مكة وغيرها - فهنا يتحدى القرآن الجميع. إذ كان الخطاب إلى «الناس» جميعا. يتحداهم بتجربة واقعية تفصل في الأمر بلا مماحكة :
«وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ، وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» ..
ويبدأ هذا التحدي بلفتة لها قيمتها في هذا المجال .. يصف الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - بالعبودية للّه : «وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا» .. ولهذا الوصف في هذا الموضع دلالات منوعة متكاملة :
(1/74)
فهو أولا تشريف للنبي وتقريب بإضافة عبوديته للّه تعالى دلالة على أن مقام العبودية للّه هو أسمى مقام يدعى إليه بشر ويدعى به كذلك. وهو ثانيا تقرير لمعنى العبودية ، في مقام دعوة الناس كافة إلى عبادة ربهم وحده ، واطراح الأنداد كلها من دونه. فها هو ذا النبي في مقام الوحي - وهو أعلى مقام - يدعى بالعبودية للّه ، ويشرف بهذه النسبة في هذا المقام.
أما التحدي فمنظور فيه إلى مطلع السورة .. فهذا الكتاب المنزل مصوغ من تلك الحروف التي في أيديهم ، فإن كانوا يرتابون في تنزيله ، فدونهم فليأتوا بسورة من مثله وليدعوا من يشهد لهم بهذا - من دون اللّه - فاللّه قد شهد لعبده بالصدق في دعواه.
وهذا التحدي ظل قائما في حياة الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - وبعدها ، وما يزال قائما إلى يومنا هذا وهو حجة لا سبيل إلى المماحكة فيها .. وما يزال القرآن يتميز من كل كلام يقوله البشر تميزا واضحا قاطعا.
24 - وسيظل كذلك أبدا. سيظل كذلك تصديقا لقول اللّه تعالى في الآية التالية :
«فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا - وَلَنْ تَفْعَلُوا - فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ» ..
والتحدي هنا عجيب ، والجزم بعدم إمكانه أعجب ، ولو كان في الطاقة تكذيبه ما توانوا عنه لحظة. وما من شك أن تقرير القرآن الكريم أنهم لن يفعلوا ، وتحقق هذا كما قرره هو بذاته معجزة لا سبيل إلى المماراة فيها. ولقد كان المجال أمامهم مفتوحا ، فلو أنهم جاءوا بما ينقض هذا التقرير القاطع لانهارت حجية القرآن ولكن هذا لم يقع ولن يقع كذلك فالخطاب للناس جميعا ، ولو أنه كان في مواجهة جيل من أجيال الناس
وهذه وحدها كلمة الفصل التاريخية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://addad.malware-site.www
 
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 1
» في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 2
» في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 3
» في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29)
» في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 5 ( 1-29)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد :: إسلاميات :: التفسير-
انتقل الى: