الضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Ciaa2010
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الى أُسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Ciaa2010
ادارة المنتدي في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Ciaa2010



الضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Ciaa2010
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الى أُسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Ciaa2010
ادارة المنتدي في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Ciaa2010



الضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمجلة الضاد 2011أحدث الصورالتسجيلدخولمن نحن؟

 جمعية الضاد لأساتذة اللغة العربية
 ترحب بآرائكم و اقترحاتكم عبر   
      البريد الإلكتروني:
ddaadd34@gmail.com
عرفهم من هو محمد رسول الله
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
مسلمة
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_lcap 
المشرف
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_lcap 
المختار السعيدي
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_lcap 
هويدا الدار
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_lcap 
الشاعر لطفي الياسيني
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_lcap 
جمعية الضاد
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_lcap 
أبو فيصل
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_lcap 
مسلم
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_lcap 
فاطمة الزهراء
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_lcap 
لؤلؤة لامعة
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_rcapفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Voting_barفي ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Vote_lcap 
سجل إعجابك

 

 في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المختار السعيدي
نائب رئيس جمعية الضاد
نائب رئيس جمعية الضاد
المختار السعيدي


العمر : 48
نقاط : 12526
تاريخ التسجيل : 18/08/2008

بطاقة الشخصية
معلومات شخصية: 40

في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) Empty
مُساهمةموضوع: في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29)   في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29) I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 26, 2009 11:03 am

[سورة البقرة (2) : الآيات 1 إلى 29]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (1)
ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى
سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (9)
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (14)
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (19)
يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (24)
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (25) إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (27) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)

في هذا المقطع ، الذي يكوّن افتتاح السورة الكبيرة ، نجد الملامح الأساسية للطوائف التي واجهتها الدعوة في المدينة باستثناء طائفة اليهود التي ترد إشارة

صغيرة لها ، ولكنها كافية ، فإن تسميتهم بشياطين المنافقين تشير إلى الكثير من صفاتهم ، ومن حقيقة دور هم ، حتى يرد التفصيل الكامل بعد قليل.
وفي رسم هذه الملامح نجد خصائص التعبير القرآنية ، التي تتجلى في قيام الكلمة مقام الخط واللون ، إذ سرعان ما ترتسم الصور من خلال الكلمات ثم سرعان ما تنبض هذه الصور وكأنها تموج بالحياة ..
وهنا .. في عدد قليل من الكلمات والعبارات في أول السورة ترتسم ثلاث صور لثلاثة أنماط من النفوس.
كل نمط منها نموذج حي لمجموعات ضخمة من البشر. نموذج أصيل عميق متكرر في كل زمان ومكان.
حتى ما تكاد البشرية كلها في جميع أعصارها وأقطارها تخرج عن تلك الأنماط الثلاثة .. وهذا هو الإعجاز ..
في تلك الكلمات القلائل والآيات المعدودات ترتسم هذه الصور واضحة كاملة ، نابضة بالحياة ، دقيقة السمات ، مميزة الصفات. حتى ما يبلغ الوصف المطول والإطناب المفصل شيئا وراء هذه اللمسات السريعة المبينة ، الجميلة النسق ، الموسيقية الإيقاع.
فإذا انتهى السياق من عرض هذه الصور الثلاث دعا الناس .. الناس جميعا .. إلى الصورة الأولى وناداهم ..
[/size]
(1/37)




في ظلال القرآن ، ج 1 ، ص : 38
ناداهم كافة .. أن يفيئوا إليها. أن يفيئوا إلى عبادة اللّه الواحد ، والخالق الواحد ، والرازق الواحد ، بلا شركاء ولا أنداد. وتحدى الذين يرتابون في رسالة النبي - صلى اللّه عليه وسلم - وتنزيل الكتاب عليه أن يأتوا بسورة من مثله. وأنذرهم إذا تولوا عذابا مفزعا مرهوبا وبشر المؤمنين وصور ما ينتظر هم من نعيم مقيم.
ثم أخذ يرد على اليهود والمنافقين الذين استنكروا ضرب اللّه للأمثال في القرآن ، واتخذوا منه وسيلة للتشكيك في أنه منزل من عند اللّه. وحذرهم ما وراء ضرب الأمثال ، أن يزيدهم ضلالا - كما يزيد المؤمنين هدى - ثم استنكر أن يكفروا باللّه المحيي المميت الخالق المدبر ، العليم بكل شيء في هذا الوجود ، وهو الذي أنعم على البشر فخلق لهم ما في الأرض جميعا واستخلفهم في هذا الملك الطويل العريض.
تلك مجمل الخطوط الرئيسية في هذا الدرس الأول من سورة البقرة. فلنحاول أن نتناول هذا الإجمال بشيء من التفصيل.
1 - تبدأ السورة بهذه الأحرف الثلاثة المقطعة : «ألف. لام. ميم». يليها الحديث عن كتاب اللّه : «ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ ، هُدىً لِلْمُتَّقِينَ» ..
(1/53)
ومثل هذه الأحرف يجيء في مقدمة بعض السور القرآنية. وقد وردت في تفسيرها وجوه كثيرة. نختار منها وجها. إنها إشارة للتنبيه إلى أن هذا الكتاب مؤلف من جنس هذه الأحرف ، وهي في متناول المخاطبين به من العرب. ولكنه - مع هذا - هو ذلك الكتاب المعجز ، الذي لا يملكون أن يصوغوا من تلك الحروف مثله. الكتاب الذي يتحداهم مرة ومرة ومرة أن يأتوا بمثله ، أو بعشر سور مثله ، أو بسورة من مثله فلا يملكون لهذا التحدي جوابا! والشأن في هذا الإعجاز هو الشأن في خلق اللّه جميعا. وهو مثل صنع اللّه في كل شيء وصنع الناس .. إن هذه التربة الأرضية مؤلفة من ذرات معلومة الصفات. فإذا أخذ الناس هذه الذرات فقصارى ما يصوغونه منها لبنة أو آجرة. أو آنية أو أسطوانة ، أو هيكل أو جهاز. كائنا في دقته ما يكون .. ولكن اللّه المبدع يجعل من تلك الذرات حياة. حياة نابضة خافقة. تنطوي على ذلك السر الإلهي المعجز .. سر الحياة .. ذلك السر الذي لا يستطيعه بشر ، ولا يعرف سره بشر .. وهكذا القرآن .. حروف وكلمات يصوغ منها البشر كلاما وأوزانا ، ويجعل منها اللّه قرآنا وفرقانا ، والفرق بين صنع البشر وصنع اللّه من هذه الحروف والكلمات ، هو الفرق ما بين الجسد الخامد والروح النابض .. هو الفرق ما بين صورة الحياة وحقيقة الحياة! 2 - «ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ» ..
ومن أين يكون ريب أو شك ودلالة الصدق واليقين كامنة في هذا المطلع ، ظاهرة في عجز هم عن صياغة مثله ، من مثل هذه الأحرف المتداولة بينهم ، المعروفة لهم من لغتهم؟
«ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ .. هُدىً لِلْمُتَّقِينَ» ..
الهدى حقيقته ، والهدى طبيعته ، والهدى كيانه ، والهدى ماهيته .. ولكن لمن؟ لمن يكون ذلك الكتاب هدى ونورا ودليلا ناصحا مبينا؟ .. للمتقين .. فالتقوى في القلب هي التي تؤهله للانتفاع بهذا الكتاب. هي
(1/38)




في ظلال القرآن ، ج 1 ، ص : 39
(1/54)
التي تفتح مغاليق القلب له فيدخل ويؤدي دوره هناك. هي التي تهيىء لهذا القلب أن يلتقط وأن يتلقى وأن يستجيب.
لا بد لمن يريد أن يجد الهدى في القرآن أن يجيء إليه بقلب سليم. بقلب خالص. ثم أن يجيء إليه بقلب يخشى ويتوقى ، ويحذر أن يكون على ضلالة ، أو أن تستهويه ضلالة .. وعندئذ يتفتح القرآن عن أسراره وأنواره ، ويسكبها في هذا القلب الذي جاء إليه متقيا ، خائفا ، حساسا ، مهيأ للتلقي .. ورد أن عمر بن الخطاب - رضي اللّه عنه - سأل أبي بن كعب عن التقوى فقال له : أما سلكت طريقا ذا شوك؟ قال بلى! قال : فما عملت؟ قال : شمرت واجتهدت. قال : فذلك التقوى ..
فذلك التقوى .. حساسية في الضمير ، وشفافية في الشعور ، وخشية مستمرة ، وحذر دائم ، وتوق لأشواك الطريق .. طريق الحياة .. الذي تتجاذبه أشواك الرغائب والشهوات ، وأشواك المطامع والمطامح ، وأشواك المخاوف والهواجس ، وأشواك الرجاء الكاذب فيمن لا يملك إجابة رجاء ، والخوف الكاذب ممن لا يملك نفعا ولا ضرا. وعشرات غيرها من الأشواك! 3 - ثم يأخذ السياق في بيان صفة المتقين وهي صفة السابقين من المؤمنين في المدينة ، كما أنها صفة الخلص من مؤمني هذه الأمة في كل حين :
«الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ، وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ، وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ» ..
(1/55)
ان السمة الأولى للمتقين هي الشعورية الإيجابية الفعالة. الوحدة التي تجمع في نفوسهم بين الإيمان بالغيب ، والقيام بالفرائض ، والإيمان بالرسل كافة ، واليقين بعد ذلك بالآخرة .. هذا التكامل الذي تمتاز به العقيدة الإسلامية ، وتمتاز به النفس المؤمنة بهذه العقيدة ، والجدير بأن تكون عليه العقيدة الأخيرة التي جائت ليلتقي عليها الناس جميعا ، ولتهيمن على البشرية جميعا ، وليعيش الناس في ظلالها بمشاعر هم وبمنهج حياتهم حياة متكاملة ، وشاملة للشعور والعمل ، والإيمان والنظام.
فإذا نحن أخذنا في تفصيل هذه السمة الأولى للمتقين إلى مفرداتها التي تتألف منها ، انكشفت لنا هذه المفردات عن قيم أساسية في حياة البشرية جميعا ..
«الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ» .. فلا تقوم حواجز الحس دون الاتصال بين أرواحهم والقوة الكبرى التي صدرت عنها ، وصدر عنها هذا الوجود ولا تقوم حواجز الحس بين أرواحهم وسائر ما وراء الحس من حقائق وقوى وطاقات وخلائق وموجودات.
والإيمان بالغيب هو العتبة التي يجتازها الإنسان ، فيتجاوز مرتبة الحيوان الذي لا يدرك إلا ما تدركه حواسه ، إلى مرتبة الإنسان الذي يدرك أن الوجود أكبر وأشمل من ذلك الحيز الصغير المحدد الذي تدركه الحواس - أو الأجهزة التي هي امتداد للحواس - وهي نقلة بعيدة الأثر في تصور الإنسان لحقيقة الوجود كله ولحقيقة وجوده الذاتي ، ولحقيقة القوى المنطلقة في كيان هذا الوجود ، وفي إحساسه بالكون وما وراء الكون من قدرة وتدبير. كما أنها بعيدة الأثر في حياته على الأرض فليس من يعيش في الحيز الصغير الذي تدركه حواسه كمن يعيش في الكون الكبير الذي تدركه بديهته وبصيرته ويتلقى أصداءه وإيحاءاته في أطوائه
(1/39)




في ظلال القرآن ، ج 1 ، ص : 40
(1/56)
وأعماقه ، ويشعر أن مداه أوسع في الزمان والمكان من كل ما يدركه وعيه في عمره القصير المحدود. وأن وراء الكون ظاهره وخافيه ، حقيقة أكبر من الكون ، هي التي صدر عنها ، واستمد من وجودها وجوده ..
حقيقة الذات الإلهية التي لا تدركها الأبصار ولا تحيط بها العقول.
وعندئذ تصان الطاقة الفكرية المحدودة المجال عن التبدد والتمزق والانشغال بما لم تخلق له ، وما لم توهب القدرة للإحاطة به ، وما لا يجدي شيئا أن تنفق فيه. إن الطاقة الفكرية التي وهبها الإنسان ، وهبها ليقوم بالخلافة في هذه الأرض ، فهي موكلة بهذه الحياة الواقعة القريبة ، تنظر فيها ، وتتعمقها وتتقصاها ، وتعمل وتنتج ، وتنمي هذه الحياة وتجملها ، على أن يكون لها سند من تلك الطاقة الروحية التي تتصل مباشرة بالوجود كله وخالق الوجود ، وعلى أن تدع للمجهول حصته في الغيب الذي لا تحيط به العقول. فأما محاولة إدراك ما وراء الواقع بالعقل المحدود الطاقة بحدود هذه الأرض والحياة عليها ، دون سند من الروح الملهم والبصيرة المفتوحة ، وترك حصة للغيب لا ترتادها العقول .. فأما هذه المحاولة فهي محاولة فاشلة أولا ، ومحاولة عابثة أخيرا. فاشلة لأنها تستخدم أداة لم تخلق لرصد هذا المجال. وعابثة لأنها تبدد طاقة العقل التي لم تخلق لمثل هذا المجال .. ومتى سلم العقل البشري بالبديهية العقلية الأولى ، وهي أن المحدود لا يدرك المطلق ، لزمه - احتراما لمنطقه ذاته - أن يسلم بأن إدراكه للمطلق مستحيل و. ن عدم إدراكه للمجهول لا ينفي وجوده في ضمير الغيب المكنون وأن عليه أن يكل الغيب إلى طاقة أخرى غير طاقة العقل وأن يتلقى العلم في شأنه من العليم الخبير الذي يحيط بالظاهر والباطن ، والغيب والشهادة .. وهذا الاحترام لمنطق العقل في هذا الشأن هو الذي يتحلى به المؤمنون ، وهو الصفة الأولى من صفات المتقين.
(1/57)
لقد كان الإيمان بالغيب هو مفرق الطريق في ارتقاء الإنسان عن عالم البهيمة. ولكن جماعة الماديين في هذا الزمان ، كجماعة الماديين في كل زمان ، يريدون أن يعودوا بالإنسان القهقرى .. إلى عالم البهيمة الذي لا وجود فيه لغير المحسوس! ويسمون هذا «تقدمية» وهو النكسة التي وفى اللّه المؤمنين إياها ، فجعل صفتهم المميزة ، صفة : «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ» والحمد للّه على نعمائه ، والنكسة للمنتكسين والمرتكسين! «وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ» .. فيتجهون بالعبادة للّه وحده ، ويرتفعون بهذا عن عبادة العباد ، وعبادة الأشياء.
يتجهون إلى القوة المطلقة بغير حدود ، ويحنون جباههم للّه لا للعبيد والقلب الذي يسجد للّه حقا ، ويتصل به على مدار الليل والنهار ، يستشعر أنه موصول السبب بواجب الوجود ، ويجد لحياته غاية أعلى من أن تستغرق في الأرض وحاجات الأرض ، ويحس أنه أقوى من المخاليق لأنه موصول بخالق المخاليق .. وهذا كله مصدر قوة للضمير ، كما أنه مصدر تحرج وتقوى ، وعامل هام من عوامل تربية الشخصية ، وجعلها ربانية التصور ، ربانية الشعور ، ربانية السلوك.
«
(1/58)
وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» .. فهم يعترفون ابتداء بأن المال الذي في أيديهم هو من رزق اللّه لهم ، لا من خلق أنفسهم ومن هذا الاعتراف بنعمة الرزق ينبثق البر بضعاف الخلق ، والتضامن بين عيال الخالق ، والشعور بالآصرة الإنسانية ، وبالأخوة البشرية .. وقيمة هذا كله تتجلى في تطهير النفس من الشح ، وتزكيتها بالبر. وقيمتها أنها ترد الحياة مجال تعاون لا معترك تطاحن ، وأنها تؤمن العاجز والضعيف والقاصر ، وتشعرهم أنهم يعيشون بين قلوب ووجوه ونفوس ، لا بين أظفار ومخالب ونيوب! والإنفاق يشمل الزكاة والصدقة ، وسائر ما ينفق في وجوه البر. وقد شرع الإنفاق قبل أن تشرع الزكاة ، لأنه الأصل الشامل الذي تخصصه نصوص الزكاة ولا تستوعبه. وقد ورد في حديث رسول اللّه - صلى اللّه عليه
(1/40)


في ظلال القرآن ، ج 1 ، ص : 41
وسلم - بإسناده لفاطمة بنت قيس «إن في المال حقا سوى الزكاة» «1» .. وتقرير المبدأ على شموله هو المقصود في هذا النص السابق على فريضة الزكاة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://addad.malware-site.www
 
في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب- البقرة - 4(من 1 إلى آية 29)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 1
» في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 2
» في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 3
» في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 5 ( 1-29)
» في ظلال القرآن الكريم - سيد قطب - البقرة - 6 ( 1-29)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد :: إسلاميات :: التفسير-
انتقل الى: